التوجه التركي تجاه العالم العربي
في 4 من أيلول، رحبت “وزارة الخارجية التركية” في بيان لها، بالمساعي الروسية للوساطة في تطبيع العلاقات بين “أنقرة وحكومة الأسد”، مؤكدة تمسك الجانب التركي بعلاقات تقوم على حسن النية مع سوريا.
وصرحت الخارجية: “نرحب بجهود روسيا لإقامة تعاون بين بلادنا وحكومة الأسد، ونود أن نرى في سوريا جارة، تعيش في سلام مع شعبها ومجتمعها، وتحقق مصالحة وطنية حقيقية من خلال الخطوات التي اتخذتها في إطار المطالب والتوقعات المشروعة لشعبها، والتي تنعكس أيضا في قرارات مجلس الأمن الدولي، والتي تؤسس لتحقيق الاستقرار بدلا من عدم الاستقرار ليس فقط لتركيا ولكن أيضا في المنطقة التي تشهد تطورات”.
وقد تابع البيان: “يجب بذل الجهود لتنفيذ ذلك على أساس مبدأ حسن النية، دون شروط مسبقة وبمنهج واقعي، لتهيئة الأرضية اللازمة في هذا الإطار”.
وسبق أن صرح “سيرغي لافروف” وزير الخارجية الروسي، إن موسكو مهتمة بتطبيع العلاقات بين شركائها في (دمشق وأنقرة)، مؤكداً أن اجتماعاً جديداً سيعقد في المستقبل القريب، وذلك بعد تصريحات تقارب جديدة بعد تصريحات رأس نظام الأسد وعدد من المسؤولين الأتراك.
وأشار “لافروف” في مقابلة مع برنامج “نيوزميكر” أنه “بشق الأنفس تمكنا العام الماضي من عقد مباحثات حاولنا عبرها بحث شروط تساهم في الوصول إلى تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا، وكانت المباحثات مفيدة رغم أننا لم نتمكن من الاتفاق على المضي قدما”.
وتابع: “تعتقد حكومة نظام الأسد أن الاستمرار في عملية التطبيع تتطلب تحديد إجراءات انسحاب القوات التركية من سوريا، أما الأتراك فهم مستعدون لذلك ولكن لم يتم الاتفاق على معايير محددة حتى الآن”.
وأفاد الوزير الروسي أن “من الضروري التحضير الآن لاجتماع جديد وأنا على ثقة من أنه سيعقد في مستقبل قريب جدا، نحن مهتمون بلا شك بتطبيع العلاقات بين شركائنا في دمشق وأنقرة”.
وكان علق وزير الدفاع التركي “يشار غولر”، على التصريحات الأخيرة للإرهابي رأس نظام الأسد، حول التطبيع بين “دمشق وأنقرة” واصفاً إياها بـ”الإيجابية للغاية”، معتبراً أن مصلحة البلدين في إنهاء بيئة الصراع الحالية.
وأكد “غولر” في مقابلة مع صحيفة “حرييت” التركية، إن الأسد “فهم وأدرك ما قد صرّح به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول إمكانية اللقاء مع الأسد”، واعتبر أنه “سيكون من مصلحة البلدين إنهاء بيئة الصراع هذه في أسرع وقت ممكن وعودة البلدين إلى أنشطتهما الطبيعية في العلاقات”.
وتابع: “لا توجد مشكلة بيننا يصعب حلّها.. أعتقد أنه بعد حل المشاكل، يمكننا مواصلة أنشطتنا الطبيعية كدولتين متجاورتين.. أنقرة ودمشق قادرتان على حل جميع المشاكل”.
وسبق أن عبر “نعمان قورتولموش” رئيس البرلمان التركي، في تصريحات له يوم الخميس، عن استعداده للقاء نظيره رئيس “مجلس الشعب” في دمشق حمودة صباغ، مؤكداً أن الشعبين السوري والتركي “ليس بينهما أي عداء”.
وأكد قورتلموش في مقابلة تلفزيونية، إنه يولي أهمية للدبلوماسية البرلمانية، ومستعد للقاء نظيره السوري إذا طُلب منه أداء هذه المهمة، واعتبر في رده على سؤال حول المستفيد في منطقة الشرق الأوسط خلال 13 عاماً الماضية، وتحديداً في سوريا، أجاب: “المستفيد الوحيد في المنطقة إسرائيل”.
وتأتي هذه التطورات بعد كلمة رأس نظام الأسد الأخيرة أمام مجلس الشعب، التي قال فيها إن أي عملية تفاوض بحاجة إلى مرجعية تستند إليها كي تنجح، معتبراً أن عدم الوصول إلى نتائج في اللقاءات السابقة مع أنقرة، أحد أسبابه هو غياب المرجعية، في حين اعتبر البعض أنه قبول من الأسد بالتفاوض دون شرط انسحاب القوات التركية.
وبعد كل هذه التصريحات العدالة والتنمية: لا لقاء قريب بين رأس نظام الأسد وأردوغان…
حيث أعلن المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي، عمر جيليك، في 9 من سبتمبر أن الولايات المتحدة تبدي انزعاجها من الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا، وتابع جيليك إلى أن هذا التقارب يمثل تحديًا كبيرًا للجماعات الإرهابية الناشطة في سوريا، وهو ما يدفع الجهات الداعمة لهذه الجماعات لمحاولة إعاقة مسار التطبيع.
قال “جيليك”، إن واشنطن تشعر بالقلق إزاء التقارب التركي السوري، في حين تواصل تزويد حزب العمال الكردستاني بالمساعدات العسكريةـ نافياً وجود أي لقاء قريب بين “أردوغان والأسد”، واعتبر “جيليك” في حديث لقناة “خبر تورك” التلفزيونية، أنه من السابق لأوانه الحديث عن أي مواعيد لعقد لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورأس نظام الأسد، لافتاً إلى أنه ينبغي أولا أن يكون هناك اجتماع بين وزراء الخارجية.
وتابع جيليك: “من المثير للاهتمام أن الولايات المتحدة تشعر بالقلق إزاء هذا الأمر”، وبين أن واشنطن أبدت استياءها من اللقاء بين الأسد والرئيس التركي آنذاك عبد الله غول، والذي جرى حتى قبل بدء الأزمة السورية، واصفة سوريا بـ”الدولة المنبوذة”.
وذكر أن “الوضع الآن واضح، الولايات المتحدة قدمت دعما لحزب الاتحاد الديمقراطي (الذي يعتبر منظمة إرهابية في تركيا) وحزب العمال الكردستاني السوري والهياكل التي نسميها منظمات إرهابية، إن تقاربنا مع سوريا هو كابوس للمنظمة الإرهابية، ومن الواضح أن الدول التي ترعى المنظمات الإرهابية تسعى جاهدة لضمان عدم التطبيع”.
وفي ذات الوقت يستبعد تحرك واشنطن للحد من مسار التقارب بين حكومة الأسد وأنقرة…
حيث استبعد مدير “المركز السوري للعدالة والمساءلة” محمد العبد الله، في 7 تموز، أن تتحرك واشنطن للحد من مسار التقارب بين حكومة نظام الأسد وأنقرة، بسبب “وجود حالة من البرود الأمريكي في التعامل مع مسارات التطبيع مع رأس نظام الأسد.
وأكد العبد الله، إن واشنطن قدمت فقط نوعاً من الاعتراض اللفظي على التطبيع العربي مع الأسد، واكتفت بفرض عقوبات على حكومة نظام الأسد، والتصريح أنها لا تشجع هذا التطبيع.
وتابع العبد الله أن الإدارة الأمريكية ليس لديها ما تقدمه لثني أنقرة عن التطبيع مع حكومة نظام الأسد، لكن في حال فوز دونالد ترامب، بالانتخابات الرئاسية المقبلة، قد يقدم “بعض الإغراءات” لتركيا لوقف مسار التطبيع مع الأسد.
حيث رأى الباحث السياسي التركي عمر أوزكيزيلجيك، أن برود السياسة الأمريكية تجاه سوريا، شجع تركيا على السعي للتطبيع مع حكومة نظام الأسد، وفق موقع “عنب بلدي”.
وأوضح أوزكيزيلجيك أن أنقرة توقعت تخلي واشنطن عن دعم “وحدات حماية الشعب” الكردية بعد هزيمة تنظيم “داعش”، لكنها لم تفعل ذلك، كما لم تقدم أي تعاون مشترك مع تركيا لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.
المصالحة بين أنقرة وحكومة الأسد “لن تحصل بين عشية وضحاها”…
حيث رأت نائبة رئيس مركز “الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” في “معهد السلام” الأمريكي منى يعقوبيان، أن المصالحة بين أنقرة وحكومة نظام الأسد “لن تحصل بين عشية وضحاها، بغض النظر عما يحدث، حتى لو جرى لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره رأس نظام الأسد”.
وصرحت يعقوبيان لوكالة الصحافة الفرنسية، إن “تعقيدات” في ملفات عدة عالقة، تجعل من المؤكد أن استعادة العلاقات السورية- التركية “ستحصل في أحسن الأحوال بشكل تدريجي وطويل الأمد”.
وأوضح مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن، سونير كاغابتاي، أن أنقرة “تريد من الأسد أن يقضي على حزب العمال الكردستاني.. عندها سيبدأ التطبيع الحقيقي في شمال غربي سوريا، مع التزام تركيا بسحب قواتها تدريجياً”.
ولا يستبعد كاغابتاي أن يعترف أردوغان بسلطة الأسد في شمال غربي سوريا، خلال مرحلة انتقالية، على أن يبقى الأمن “في يد أنقرة”، وأن يكون الهدف النهائي إعادة اللاجئين السوريين من تركيا، لكن “الجزء الصعب” هو أن الكثير من المدنيين السوريين لا يرغبون في العيش تحت حكم الأسد مجدداً، ويمكن أن يناصبوا حينها العداء لتركيا.
بينما رجح الباحث السياسي التركي طه عودة أوغلو، أن تراوح عملية التطبيع بين حكومة نظام الأسد وأنقرة مكانها، من دون أفق واضح لأخذها مساراً جدياً، على الأقل في المستقبل القريب.
وصرح عودة أوغلو، أن جمود هذا المسار يرجع إلى عوامل عدة، أبرزها “الثوابت التركية” تجاه الاستمرار في التطبيع، موضحاً أن حكومة نظام الأسد تتشدد بشرط الانسحاب التركي من سوريا، بينما ترى أنقرة أن “الانسحاب لن يتم إلا بإتمام الحل السياسي في سوريا، وإبعاد خطر ميليشيات قسد عن الحدود”، وفق قوله.
وكما أضاف أن “الفتور بين موسكو وأنقرة يفرض نفسه على هذا المسار”، ما دفع تركيا إلى التركيز على ملفات أخرى، ولفت إلى أن أنقرة “وضعت عناوين عريضة للإكمال في مسألة التطبيع، لا سيما مكافحة الإرهاب وإعادة اللاجئين، وهما ملفان لم يتم حلهما”.
ورأى الباحث السياسي درويش خليفة، أن الجيش التركي لا يمكنه الانسحاب من سوريا، حتى لو أعادت قوات نظام الأسد سيطرتها على كامل الجغرافية السورية، لأنها ليست بتلك القوة التي تؤهلها لحماية الحدود.
السلطات التركية تصارح شعبها بأن تطبيع العلاقات مع الأسد لن يعيد اللاجئين السوريين لبلادهم
بدأت وسائل إعلام تركية في 8 من أيلول بمصارحة الشعب التركي بالحقيقة التي تتعلق بموضوع عودة اللاجئين السوريين من تركيا، حيث أوردت صحيفة “Timeturk” تقريرًا مطولًا حول ما يتم تداوله في الأوساط السياسية والشعبية التركية بشأن إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، ويشير التقرير إلى وجود حجتين رئيسيتين يتم الترويج لهما بشكل غير واقعي لتسهيل عودة السوريين إلى سوريا: الحجة الأولى تتمحور حول تحقيق التطبيع مع نظام الأسد، والثانية تقوم على تسهيلات اقتصادية تُمنح للاجئين السوريين وتدفعهم للعودة.
حيث يعتقد البعض أن تطبيع العلاقات مع نظام الأسد في سوريا سيؤدي إلى عودة اللاجئين السوريين بشكل سريع. إلا أن التجارب السابقة في دول مثل لبنان والأردن، التي قامت بتطبيع العلاقات مع حكومة الأسد، أظهرت أن هذه العودة لم تحدث بالشكل المتوقع. العديد من اللاجئين الذين حاولوا العودة تعرضوا للمضايقات والاعتقالات وحتى التعذيب، مما دفعهم إلى التراجع عن قرار العودة.
بعد عرقلة التطبيع بين حكومة الأسد وأنقرة… تركيا تركز على ملفات أخرى
مصر وتركيا توقعان 17 اتفاقية، بحضور رئيسي البلدين رجب طيب أردوغان وعبد الفتاح السيسي، وتمحورت الاتفاقيات حول التعاون في مجال التعليم العالي ومجال سياسة المنافسة ومجال الصحة والسياحة والطاقة وحماية البيئة والتطوير العمراني وغيرها.
وصرح أردوغان خلال لقاء السيسي إن مساهمات تركيا ومصر في السلام والاستقرار الإقليميين تشكل أمرًا حيويًا، وأكد السيسي في أول زيارة له إلى تركيا منذ وصوله إلى الحكم إن هناك ازدهارًا مستمرًا في التواصل بين الشعبين التركي والمصري.
وصرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي إنهما ناقشا الملف السوري وبحثا سبل الحل في سوريا، وتابع السيسي: أرحب بمساعي التقارب بين سوريا وتركيا ونهدف في النهاية إلى تحقيق الحل السياسي ورفع المعاناة عن الشعب السوري الشقيق وفقًا لقرارات مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن.
للحد من التوسعية الإسرائيلية… تركيا تحاول تطبيع علاقاتها مع مصر وسوريا
ليصرح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بعد أيام، أن الخطوات الجديدة التي تتخذها بلاده مع مصر وسوريا تهدف إلى خلق خط تضامن ضد “التهديد المتزايد للتوسعية الإسرائيلية”.
وتابع أن “العملية الجديدة التي بدأناها مع مصر ستكون لصالح غزة وفلسطين، واتصالاتنا مع دول الجوار الأخرى ستكون لصالح منطقتنا، وسنواصل زيادة عدد أصدقائنا في منطقتنا، وسنتخذ كل خطوة بتصميم لتوسيعها من الآن فصاعدًا”.
وأضاف أردوغان أن ما يحدث في غزة ليست حربًا إسرائيلية فلسطينية، بل صراعًا بين الصهيونية التوسعية والمسلمين الذين يحمون وطنهم، وذلك خلال كلمة له في مؤتمر طلاب مدارس الأئمة والخطباء الـ21.
وأفاد أن “إسرائيل لن تتوقف في غزة، وإذا استمرت على هذا المنوال، بعد احتلال رام الله، فسيكون الدور على الدول الأخرى في المنطقة، لبنان وسوريا، وسوف يستقرون فيها، ويوجهون أنظارهم إلى تركيا”.
وقد اعتبر أردوغان أن “حركة المقاومة الفلسطينية” (حماس) لا تدافع عن غزة فحسب، بل تدافع أيضًا عن الأراضي الإسلامية وتركيا.
ويأتي حديث أردوغان بعد ثلاثة أيام من لقائه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي في تركيا، في زيارة هي الأولى من نوعها للسيسي منذ وصوله للسلطة في 2014، بعد انقلاب عسكري أطاح خلاله بحكم الرئيس السابق، محمد مرسي، الذي كان حليفًا متوقعًا لأردوغان في المنطقة.
ووفق بيان للرئاسة التركية، جرت خلال الزيارة مراجعة جميع جوانب العلاقات التركية- المصرية ومناقشة الخطوات المشتركة التي يمكن اتخاذها في المستقبل، لمواصلة تطوير التعاون الثنائي على الصعيد الإقليمي.
وكما تطرق الجانبان إلى الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والأوضاع في غزة، بالإضافة إلى تبادل الأفكار حول القضايا الإقليمية والعالمية الراهنة، ووقّعا بعض الوثائق التي تهدف إلى تعزيز الأساس التعاقدي للعلاقات، وفق ما ذكرته الرئاسة الرئاسة التركية عبر موقعها الرسمي.
توقعات تركيا من التطبيع من حكومة الأسد وإعادة العلاقات إلى ماقبل 2011…
ووفق ما نقلته القناة عن مصادرها فإن لدى تركيا أربعة توقعات رئيسة من التطبيع، يتمثل الأول في تطهير سوريا من “العناصر الإرهابية” حفاظًا على سلامة أراضيها.
التوقع الثاني هو قيام سوريا بتحقيق مصالحة وطنية حقيقية مع شعبها في إطار قرار مجلس الأمن الدولي “2254”، على أساس المطالب والتوقعات المشروعة لشعبها، والعودة إلى المفاوضات الدستورية، والتوصل إلى اتفاق مع المعارضة.
ويشمل التوقع الثالث تهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين بشكل آمن وكريم، أما التوقع الرابع فهو استمرار تدفق المساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرة المعارضة دون انقطاع.
ووفق ما نقلته “CNN TURK”، فإن هذه الصورة لن تتغير بالنسبة لتركيا، والحوار الذي سيقيمه النظام مع المعارضة يجب أن يكون مثمرًا بالنسبة لأنقرة، أي أنه من غير الوارد أن تقوم تركيا بتغيير جذري أو التراجع عن علاقتها مع المعارضة السورية.
“محور التضامن” بين تركيا ومصر وسوريا ضد التهديد الإسرائيلي صعب التحقق…
وقد رأت أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة نورهان الشيخ، أن دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى تشكيل “محور تضامن” بين تركيا ومصر وسوريا ضد التهديد الإسرائيلي التوسعي، صعبة التحقق في ظل الأوضاع الحالية بين أنقرة وحكومة نظام الأسد وما بينهما من قطيعة منذ نحو 13 عاماً.
حيث صرحت الشيخ، أن الفترة الحالية تشهد “تقارباً كبيراً” بين مصر وتركيا، بخلاف الموقف بين حكومة نظام الأسد وأنقرة، الذي لم يشهد مرونة في حلحلة أزمته حتى الآن.
ولفت نائب وزير الخارجية المصري الأسبق علي الحنفي، إلى تفاهم القاهرة وأنقرة، خلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا مؤخراً، على ضرورة وجود حراك في الملف السوري وعودة المسار السوري إلى طبيعته في إطار تشاوري مصري- تركي- سوري.
وأعرب الحنفي عن اعتقاده بأن سوريا يمكنها مواجهة التهديدات المتزايدة من خلال حل وتسوية الأزمة السورية وعودة العلاقات إلى طبيعتها مع مختلف العواصم، وعودة حكومة الأسد إلى دورها الإقليمي والدولي وتكون قادرة على تلبية تطلعات الشعب السوري.
فيما علق وزير خارجية حكومة نظام الأسد “فيصل المقداد” في تصريح خاص لـ RT: إنه يأمل أن تتحقق تصريحات الرئيس التركي في تشكيل محور تضامني سوري مصري تركي لمواجهة التهديدات، وأن تكون هذه رغبة تركية صادقة وحقيقية من الإدارة التركية في هذا الملف.
وأكد “المقداد” أنه إذا أرادت تركيا أن تكون هناك خطوات جديدة في التعاون السوري التركي وأن تعود العلاقات إلى طبيعتها عليها أن “تنسحب من الأراضي العربية التي احتلتها في شمال سوريا وغرب العراق”.
وأوضح أنه في “بداية القرن الحالي تم نسج علاقات استراتيجية مع تركيا لكي تكون الدولة التركية إلى جانب سوريا في نضال مشترك لتحرير الأراضي العربية المحتلة، لكن عملت تركيا على نشر جيشها في شمال الأراضي السورية وأقام معسكراته في احتلال للأراضي العربية السورية”.
وشدد الوزير على أنه يجب على تركيا أن تتراجع عن هذه السياسات وأن تتخلي عنها بشكل نهائي عنها، لأنه من مصلحة الشعب السوري والتركي أن يكون هناك علاقات طبيعية بين البلدين لمواجهة التحديات المشتركة والتي يجب أن تتوحد الجهود لمواجهتها.
وعن دعوة الرئيس التركي “أردوغان” لإنشاء محور تضامني سوري تركي مصري لمواجهة التهديدات، قال “المقداد”: إن سوريا تعلن دائما أنها لن تتوقف عند الماضي لكنها تتطلع إلى الحاضر والمستقبل وتأمل أن تكون الإدارة التركية صادقة فيما تقوله، لكن بشرط أن تتوافر متطلبات التوصل إلى هذا النوع من التعاون، وهو أنة تنسحب تركيا من الأراضي السورية والعراقية.
وفي تصريحاته سابقة، قال الرئيس التركي: إن “ما يحدث في غزة ليس حرباً بين إسرائيل وفلسطين، بل صراع بين الصهيونية التوسعية والمسلمين المدافعين عن وطنهم”، محذراً من أن إسرائيل “لن تتوقف في غزة، بل ستحتل رام الله أيضاً إن استمرت بهذا الشكل، وستضع مناطق أخرى نصب عينيها إلى أن يأتي الدور على دول أخرى في المنطقة مثل لبنان وسوريا”.
وأضاف أردوغان أنهم “سيطمعون في أراضي وطننا بين دجلة والفرات، ويعلنون صراحة من خلال الخرائط التي يلتقطون الصور أمامها، أنهم لن يكتفوا بغزة”، مشدداً على ضرورة “تيقّظ الدول الإسلامية في مثل هذه الفترة الحرجة، وإدراك الخطر المحدق وتعزيز التعاون فيما بينها”.
وأشار الرئيس التركي إلى أن “الخطوات التي تتخذها تركيا في علاقاتها مع مصر وسوريا، تهدف إلى تأسيس محور تضامن ضد التهديد التوسعي المتزايد”.
تركيا تغتنم الفرصة للمشاركة باجتماع للجامعة العربية بعد 13 عاماً من القطيعة
أكدت مصادر دبلوماسية تركية أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يعتزم المشاركة في الاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية، المقرر عقده اليوم الثلاثاء في العاصمة المصرية القاهرة، وذلك في أول مشاركة لتركيا منذ 13 عاماً.
ووفق وكالة الأناضول فإن تركيا دعيت لحضور اجتماع وزراء الخارجية العرب بدورته العادية رقم 162 في القاهرة، مشيرة إلى أن فيدان سيلقي كلمة في الجلسة الافتتاحية.
وأفاد مصدر تركي لوكالة “رويترز”، أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان سيناقش خلال مشاركته التطورات في قطاع غزة، وعلاقات تركيا مع الدول العربية.
واعتبر المصدر أن دعوة فيدان لحضور الاجتماع تعكس “اهتماماً متزايداً” بالدور الإقليمي لتركيا وتحسين العلاقات مع أعضاء جامعة الدول العربية، مضيفاً أن أنقرة تريد زيادة العلاقات المؤسسية والتعاون مع المجموعة العربية.
وأضاف المصدر أن علاقات تركيا مع أعضاء جامعة الدول العربية يمكن أن تساعد في تعزيز “الحلول للمشكلات الإقليمية الحالية والتعاون المستقبلي الملموس”.
ونقل موقع “ميدل إيست آي” عن مصدر مطلع على بروتوكولات جامعة الدول العربية قوله إن حضور تركيا يحتاج إلى موافقة كل الدول الأعضاء.
وأشار إلى أن نظام الأسد وافق على هذه المشاركة بقوله: “وعلى الرغم من فشل محادثات التطبيع الأخيرة، غير أن حكومة الأسد تقبل حضور فيدان في القمة”.
وذكر المصدر أن القاهرة لعبت دوراً رئيسياً في تسهيل مشاركة فيدان، وكذلك الجهود الدبلوماسية التركية الأخيرة، مثل لقاءات فيدان مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط وسفراء الدول العربية.
وبناء على ذلك، قامت جامعة الدول العربية بحل اللجنة المكلفة ببحث “التدخل التركي في الشؤون الداخلية للدول العربية”، كما تخلت عن الموضوع المقترح للمناقشة في القمة، وفقاً للمصدر.
وشهدت العلاقات التركية العربية توترات خلال السنوات الماضية بسبب الخلاف على عدة ملفات، من بينها سورية، ليبيا، مصر، الصومال، إضافة إلى الأزمة الخليجية.
وخلال تلك السنوات، وجّهت الجامعة العربية العديد من الانتقادات العلنية لتركيا، كما تضمّنت معظم البيانات الرسمية إدانة لدور تركيا في المنطقة، وخاصة عملياتها في سورية، العراق، والصومال.
في السنوات الأخيرة، سعت تركيا لطي الخلافات مع الدول العربية، وبشكل خاص مع الإمارات، السعودية، ومصر، وتمكنت لاحقاً من التطبيع معها وإعادة العلاقات بشكل كامل.
كما أبدت تركيا استعدادها للتطبيع مع نظام الأسد، وانخرطت أواخر عام 2022 في محادثات مباشرة معه بوساطة روسية، إلا أن المفاوضات لم تحقق أي نتائج.
ويُذكر أن المرة الأخيرة التي شاركت فيها تركيا في اجتماع للجامعة العربية كانت في أيلول عام 2011، عندما ألقى أردوغان، الذي كان رئيساً للوزراء آنذاك، كلمة أمام وزراء المجلس في القاهرة