تُعدّ ظاهرة تفاهة الأشخاص وسوء انتقادهم من الظواهر المنتشرة في مجتمعاتنا اليوم، وهي ظواهر لها تأثيرات سلبية على العلاقات الشخصية والمجتمعية، وتؤدي إلى تآكل القيم والأخلاق. يتسم بعض الأشخاص بسطحية التفكير، واستهانتهم بالقضايا المهمة، واندفاعهم إلى إصدار الأحكام والنقد بشكل غير مسؤوِل، أحيانًا بهدف الانتقاص من الآخر أو إظهار أنفسهم بمظهر الخارقين
يُعزى تفاهة الأشخاص إلى عدة عوامل، منها نقص الوعي، ضعف الثقافة، والجهل، فضلاً عن نقص القدرة على التحليل والتفكير العميق. في كثير من الأحيان، يُظهر هؤلاء الأشخاص تصرفات غير مسؤولة ومواقف سلبية تؤثر على من حولهم، خاصة حينما يكون هدفهم هو تقليل قيمة الآخر أو الانتقاء من عيوبه بشكل غير مبرر.
أما عن سوء الانتقاد، فإنّه يعكس ضعف الوعي والحكمة عند الشخص الموجه إليه، فهو يتحول غالبًا إلى وسيلة للهجوم الشخصي أو الإهانة، بدلاً من أن يكون وسيلة لتطوير وتحسين الحالة أو السلوك. الانتقاد السلبي الموجه بشكل غير بناء يخلق أجواء من التوتر والانقسام، ويقود إلى نفور الآخر، بل قد يتسبب في تفاقم المشاكل بدل معالجتها.
من أهم الأسباب المشجّعةعلى ما ذُكِر أعلاه هي الثقافة المزوّرة أو المنقوصة الناتجة عن متابعة وسائل التواصل الاجتماعي المرئيّة و المقروءة و ظنّ المتلقّي أنه حصل على معلومات و تجارب كاملة من خلال شاشته و من مصادر عشوائيّة و بمدّة زمنيّة لا تتعدى دقائق تخوّله النطق بالأحكام و اكتساب ثقة زائفة مدمّرة لمن حوله.
من المهم أن ندرك أن التعامل مع الآخرين يتطلب الحكمة والتعقل، وأن النقد الحقيقي هو ذلك الذي يُبنى على أسس من الاحترام، ويهدف إلى الإصلاح وليس الإضرار. كما أن تجنب التفاهة والابتعاد عن إصدار الأحكام السلبية غير المدروسة يعزز من صحة العلاقات ويخلق بيئة أكثر إيجابية وتعاونًا.
ختامًا، يُطلب منا جميعًا أن نكون أكثر وعيًا وتفاهمًا، وأن نحافظ على مستوى من الأدب والأخلاق عند التعامل مع الآخرين، وأن نضع نصب أعيننا أن التفاهة وسوء النقد لا يعكسان سوى نقصًا في الوعي والثقافة، وأن الأثر الحقيقي يعود على من يُظهر هذه الصفات، لا على من يتعرض لها. فبالتربوية والحكمة يمكننا أن نكرس ثقافة الاحترام والتقدير، ونرتقي بمستوى تواصلنا وإنسانيتنا.
أ. محمد الدخيل

