قراءة في الانتخابات التي سيجريها النظام ب
لطالما كانت الانتخابات السورية مزوّرة تاريخياً، ولا تختلف هذه الانتخابات عن ذي قبل. فيتجلى بعض جوانب هذا التزوير بشكل بسيط وواضح للعيان، وبخاصة من خلال قمع أي معارضة حقيقية، وانعدام الحريات الإعلامية أو أي مساحة آمنة للمجتمع المدني، والأعداد الهائلة من الناخبين النازحين. أما البعض الآخر، فأقل وضوحاً، بل وقد يتمّ الإغفال عنه عند المدافعة عن إجراء الإصلاحات السياسية أو التفاوض عليها. قد تبدو هذه الجوانب عادية نوعاً ما، مثل طريقة توزيع المقاعد على الدوائر الانتخابية، ونظام التمثيل، وتصميم ورقة الاقتراع. ومع ذلك، خلّفت تأثيراً هائلاً وكفلت فوز غالبية ساحقة لحزب البعث في مجلس الشعب منذ عام 1973.
بتاريخ 11/5/2024 صدر المرسوم التشريعي رقم /99/ لعام 2024 القاضي بتحديد يوم الإثنين الموافق لـ 15/7/2024 موعداً لانتخاب أعضاء مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع.
سيبلغ عدد مقاعد مجلس الشعب في الدور التشريعي الرابع، الذي ستجرى الانتخابات لاختيار أعضائه، 250 مقعداً، من بينهم 127 مقعداً للفلاحين والعمال، و123 مقعداً لباقي الفئات.
وقد أعرب نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي، كونستانتين كوساتشيف، عن استعداد بلاده لمساعدة النظام السوري في تنظيم انتخابات “مجلس الشعب” المزمع إجراؤها في تموز المقبل.
وخلال استقباله وفد النظام السوري لمراقبة الانتخابات الروسية، قال كوساتشيف إنه “ستكون لديكم انتخابات برلمانية منتظمة في تموز المقبل”، مضيفاً أنه “إذا كنتم بحاجة إلى أي مساعدة، أو أي استشارة من لجنة الانتخابات المركزية لدينا، وهي بعثة مراقبة، يمكنكم الاعتماد علينا”.
وأكد النائب الروسي أن “المشرعين الروس مستعدون لتقديم المشورة لزملائهم السوريين حول كيفية تنظيم وإجراء انتخابات برلمانية دورية في سوريا، بالإضافة إلى إرسال وفد لمراقبة التصويت”، وفق ما نقلة وكالة “تاس” الروسية.
وبحسب المرسوم، فإن 127 عضوًا سيجري انتخابهم من قطاع العمال والفلاحين، مقابل 123 عضوًا ممثلين لباقي فئات الشعب، ليكون العدد الإجمالي 250 عضوًا.
وتصدرت العاصمة السورية، دمشق، العدد المخصص للمحافظات، بـ29 عضوًا، 10 منهم من قطاع العمال والفلاحين، وجاءت محافظة القنيطرة، جنوبي سوريا، الأخيرة في التمثيل البرلماني بخمسة أعضاء فقط.
وفي تاريخ 4/5/2024 شارك الأسد المجرم في انتخابات اللجنة المركزية للحزب، نتج عنه انتخاب أعضاء لجنة مركزية وقيادة مركزية جديدة للحزب، وإلقاء كلمة للأسد هاجم خلالها المعارضة السورية قائلًا، “لم نسمع بثيران الثورة الذين سموا خطأ بالثوار، لم نسمع أنهم أطلقوا صاروخًا واحدًا من أجل كرامة أهل غزة، لم نسمع أيضًا تصريحًا أو تظاهرة مع لافتات دعمًا لهم”.
وجرى خلال الاجتماع الموسع انتخاب الأسد أمينًا عامًا للحزب بالإجماع، كما جرى انتخاب أعضاء القيادة المركزية الجديدة المكونة من 14 شخصًا، منهم رئيس حكومة النظام، حسين عرنوس، ووزير الدفاع، علي محمود عباس، ورئيس مجلس الشعب، حمودة الصباغ، بالإضافة إلى اختيار أعضاء اللجنة المركزية للحزب على مستوى المحافظات، كما جرى انتخاب لجنة الرقابة والتفتيش الجديدة للحزب، وتكونت من خمسة أشخاص (سيدة واحدة).
وتحدث الأسد عن مفهوم علاقة الحزب بالسلطة، ومراجعة النظام الداخلي للحزب، ودور اللجنة المركزية كعصب رئيس للحزب، ودور لجنة الرقابة والتفتيش وعملية المحاسبة داخل الحزب، وأهمية تطوير البنية التنظيمية كحاجة حزبية ووطنية وبناء مؤسسة الحزب.
أبدى النظام السوري اهتمامًا بالانتخابات الحزبية للدورة الحالية لعام 2024، من خلال لقاءات متكررة أجراها مع مسؤولين حزبيين، في ظل الحديث عن تغييرات على أكثر مستوى، لم يتلمس المواطن آثارها.
تأتي هذه اللقاءات في سياق ترويج النظام لتغييرات في هيكلية سلطته، و”مكافحة الفساد” وإجراء بعض التغييرات، دون التطرق لملفات جوهرية وذات حساسية لدى الشعب السوري، ومنها ملف المعتقلين والمختفين قسرًا، والذين توثق “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” عددهم بـ135 ألفًا و253 معتقلًا في سجون النظام
كما أكد رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات جهاد مراد أن تقديم طلبات الترشيح لعضوية مجلس الشعب من الراغبين بالترشح للدور التشريعي الرابع يبدأ من اليوم التالي لنشر مرسوم تحديد موعد الانتخابات في الجريدة الرسمية ويستمر سبعة أيام.
وأشار مراد في تصريح اعلامي إلى أن مرسوم تحديد يوم الإثنين الموافق الـ 15 من شهر تموز من العام الجاري موعداً لانتخابات أعضاء مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع راعى المواعيد القانونية والدستورية المنصوص عليها في قانون الانتخابات العامة والدستور.
وبين القاضي مراد أن اللجنة القضائية العليا للانتخابات سوف تعمل على تشكيل اللجان القضائية الفرعية ولجان الترشيح في المحافظات لتكون جاهزة لاستقبال طلبات الراغبين بالترشح لعضوية مجلس الشعب، التي تبدأ من اليوم التالي لنشر مرسوم تحديد موعد الانتخابات في الجريدة الرسمية ويستمر التقديم لمدة 7 أيام.
وأوضح مراد أنه يتوجب على طالب الترشح لعضوية مجلس الشعب التقدم بطلب رسمي إلى لجنة الترشيح مرفق بكل الوثائق المطلوبة، ويشترط في المرشح أن يكون عربياً سورياً منذ عشر سنوات على الأقل بتاريخ تقديم الطلب ومتماً الخامسة والعشرين من عمره بتاريخ 1-1-2024، وأن يكون متمتعاً بحقوقه السياسية والمدنية، و ألا يكون محروماً من حق الانتخاب، ويجيد القراءة والكتابة، وألا يكون محكوماً بجناية أو بجنحة شائنة أو مخلة بالثقة العامة بحكم مبرم ولم يرد اعتباره بحكم القانون، وأن يكون ناخباً في الدائرة الانتخابية التي يرغب بترشيح نفسه عنها، كما يقدم المرشح وثيقة تثبت انتماءه للقطاع الذي يرغب ترشيحه عنه
يذكر ا ن اخر انتخابات جرت في سوريا كانت في العام 2021 وقد تعرضت لاستنكار ورفض من المجتمع الدولي بسبب عدم العمل على وضع حل سياسي شامل للملف السوري من قبل النظام المجرم ومن يقف خلفه.
ينظر قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015 إلى الانتخابات كجزء من المشهد الأوسع الذي يهدف إلى التوصل لحل سياسي للنزاع بعد مفاوضات بين الأطراف المعنية. ومع ذلك، ستكون هذه الانتخابات السادسة من نوعها التي ينظمها النظام السوري منذ اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2254، متجاهلاً مرة أخرى المعايير التي نصّ عليها هذا القرار، أي إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة بإشراف الأمم المتحدة، والسماح بتصويت المغتربين، وتسهيل المشاركة الهادفة للمرأة.
تنتهي مهلة تحديد موعد الانتخابات في 11 أيار. وبدأت الحكومة الروسية بالفعل بإصدار تصريحات لإضفاء الشرعية على العملية، ويجري حزب البعث حالياً انتخابات داخلية قد لا تكون مرتبطة بشكل مباشر بالانتخابات التشريعية. بأي حال، فإن الخطوة الأولى في العملية هي تحديث السجل الانتخابي والتدقيق فيه، وهي مهمة من المفترض أن تكتمل بحلول الأسبوع المقبل، غير أنها لم تبدأ بعد……
ونختم بالقول (فاقد الشئ لايعطيه)
هذه الانتخابات هي استمرار للفشل الدولي وعنوان هام لفشل متكرر للعملية السياسية ولن تفضي سوى الى زيادة معاناة الشعب السوري بشكل اكبر مما سبق..
.