تقدير موقف حول العلاقة التركية بالنظام السوري
العلاقة بين الحكومة التركية و النظام السوري من أعقد وأصعب العلاقات في القضية السورية، ورغم حديث الأتراك منذ أبريل عام 2022م عندما تحدث وزير الخارجية مولود جاوييش أوغلو عن العلاقة واستعداد أنقرة للقاء مع النظام السوري من أجل تفاهم وتسوية لتطبيق 2254 لكن هذا اللقاء لم يحصل منذ ذلك التصريح وإلى اليوم ولن يحصل في المدى المنظور القريب، فالأسد دوماً يسلك سلوك التجنب لأي نقاش وأي تفاوض حتى بالبعد الإنساني سواء بخصوص اللاجئين أو المعتقلين أو غير ذلك، ويريد من الآخر كل شيء دون أن يقدم أي شيء، ورغم الضغوط الروسية إلا أنها لم تنجح بذلك وكان النظام أقرب للإيراني الذي لا يريد ذلك أيضاً.
في الوقت الذي كان النظام يرحب بأي سياسي أو إعلامي تركي، هو يتهرب من اللقاء الرسمي فهذا اللقاء سيكون من أجل ملفات ضخمة كثيرة وسيخضع الأسد لعملية تفاوضية
فقد صرح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، يوم الأحد 3 تشرين الثاني، بأن نظام الأسد وشركاؤه ليسوا مستعدين للتوصل إلى اتفاق مع المعارضة لإنهاء الأزمة المستمرة وحل المشاكل المطروحة، وأشار فيدان بأن تركيا تسعى لرؤية إطار سياسي يمكن الاتفاق عليه يضمن بيئة آمنة ومستقرة للشعب السوري، لافتاً إلى ضرورة وجود حوار حقيقي بين الطرفين، وشدد فيدان على أهمية أن يسعى نظام الأسد للتوصل إلى اتفاق مع معارضيه، لكنه أضاف أن المعلومات المتاحة تشير إلى أنه وشركاءه غير مستعدين لحل القضايا العالقة، وأضاف: “على حد علمنا، نظام الأسد وشركاؤه غير مستعدين لحل المشاكل، وغير مستعدين للتوصل إلى اتفاق مع المعارضة السورية، وأكد فيدان أن القضية الأهم بالنسبة لتركيا هي إنهاء وجود حزب العمال الكردستاني PKK وأذرعه في سورية، معتبراً أن تطهير المنطقة من هذه المنظمة، المدعومة أمريكياً، يعد أمراً حيوياً، وأوضح أن استمرار الفوضى في سورية قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار.
وسبق أن أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في 1 تشرين الثاني/ نوفمبر، توقف عملية التفاوض بين نظام الأسد وتركيا، بسبب مطالب نظام الأسد بانسحاب القوات التركية، والتأكيد التركي على وحدة سوريا، وأكد لافروف في مقابلة صحفية مع صحيفة “حرييت” التركية إن التطبيع بين تركيا ونظام الأسد كان أحد المواضيع التي تناولها لقاء الرئيس التركي بنظيره الروسي، وتابع لافروف أن بلاده تبذل جهودًا لإنهاء الصراعات بين تركيا ونظام الأسد، وكان هذا الموضوع قيد النقاش خلال اجتماع وزراء خارجية الدول الضامنة لعملية أستانا، “تركيا وروسيا وإيران” في 27 أيلول الماضي، ولقد زعم أن اختلاف المواقف بين نظام الأسد وتركيا أدى إلى توقف عملية التفاوض حيث يصر نظام الأسد على انسحاب القوات التركية من سورية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أكد أن بلاده تدعم الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وإرساء سلام دائم وعادل وشامل.
فتصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، حول توقف مفاوضات التطبيع بين حكومة نظام الأسد وأنقرة، تؤكد استمرار حالة “الجمود” في سوريا، وموسكو تنتظر النتائج الأمريكية، وربما تعول على وصول المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، لإعادة التفاوض حول سوريا، وكيف ستتصرف الإدارة الجديدة، خاصة في حال عاد ترامب، بشأن سحب القوات الأمريكية من سوريا أو تخفيف الوجود العسكري، و موسكو لم تمارس ضغوطاً على دمشق للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع تركيا، لرغبتها في الحصول على مكاسب من أنقرة بالملف السوري، وملفات أخرى مشتركة، بينها أوكرانيا والعلاقة مع الغرب وأمريكا.
لذلك العلاقة التركية مع النظام متعذرة ومتعثرة، مالم تطرأ مستجدات على الساحة لاسيما الحرب على وكلاء إيران في المنطقة وتعذر انفصال النظام عن هذا المحور بسهولة.