“أ. بشير قوجة” عضو في الحركة الوطنية السورية
تمرّ العلاقات بين واشنطن وطهران بمنعطف خطير قد يقود إلى مواجهة عسكرية مباشرة، مع تصاعد التهديدات المتبادلة وتعزيز الحشود العسكرية في المنطقة، فبعد سلسلة من التصريحات النارية بين الطرفين وإعلان الولايات المتحدة إرسال مزيد من القوات إلى الشرق الأوسط، تتزايد المخاوف من أن تصبح المنطقة على شفا حرب شاملة.
في 31 مارس 2025، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصريحًا قويًا حذر فيه إيران من أنها ستواجه قصفًا غير مسبوق إذا لم توقع على اتفاق نووي جديد.
هذا التصريح جاء بعد شهور من التوترات المتصاعدة، التي تضمنت استهداف القوات الأمريكية لوكلاء إيران في العراق وسوريا واليمن.
على الجانب الآخر، ردّت إيران سريعًا عبر تصريحات حادة للمرشد الأعلى “آية الله علي خامنئي”، الذي أكد أن أي اعتداء أمريكي سيُقابل برد قاسٍ ومدمر.
كما أوضح قائد القوة الجوية في الحرس الثوري الإيراني العميد “أمير علي حاجي زاده” أن القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة في مرمى نيران القوات الإيرانية، مشيرًا إلى أن هناك أكثر من 50 ألف جندي أمريكي متمركزون في قواعد محيطة بإيران.
تعزيزات عسكرية أمريكية ضخمة
في خطوة تعكس جدية التصعيد، أرسلت الولايات المتحدة خمس قاذفات شبح من طراز B-2 إلى قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي، وهي قاعدة استراتيجية استخدمت في عمليات عسكرية سابقة ضد العراق وأفغانستان. كما تم تمديد فترة انتشار حاملة الطائرات “يو إس إس هاري إس ترومان” في البحر الأحمر، مع إرسال حاملة الطائرات “يو إس إس كارل فينسون” إلى المنطقة.
إضافةً إلى ذلك، كشفت صور الأقمار الصناعية عن وصول طائرات نقل وإعادة تزويد بالوقود إلى القاعدة، مما يشير إلى استعدادات لعمليات جوية واسعة النطاق.
كما صرّح مسؤول عسكري أمريكي أن كافة الخيارات العسكرية باتت مطروحة على الطاولة.
البرنامج النووي الإيراني في قلب الأزمة
يُعد البرنامج النووي الإيراني أحد أهم أسباب التوتر الحالي، فمنذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي في 2018، وإعادة فرض العقوبات على طهران تسارعت عمليات تخصيب اليورانيوم في إيران، ومع إعلان مستشار خامنئي “علي لاريجاني” أن بلاده قد تتجه إلى امتلاك أسلحة نووية إذا اضطرت لذلك، زادت المخاوف من أن الصراع قد يمتد إلى مواجهة نووية.
تحذيرات دولية ومساعٍ دبلوماسية
في ظل هذا التوتر، تحاول بعض الدول تجنب اندلاع حرب كارثية، فقد أجرى نائب وزير الخارجية الإيراني “مجيد تخت روانجي” محادثات مع نظيره الروسي “سيرجي ريابكوف” حول البرنامج النووي الإيراني.
وحذرت روسيا من أن أي عمل عسكري ضد إيران سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة والعالم.
في المقابل أكدت فرنسا أن الحرب بين الولايات المتحدة وإيران أصبحت شبه حتمية ما لم يتم التوصل إلى اتفاق دبلوماسي جديد، داعية إلى جهود دولية عاجلة لمنع اندلاع المواجهة.
السيناريوهات المحتملة للحرب
إذا اندلعت المواجهة العسكرية بين الطرفين، فمن المرجح أن تشمل السيناريوهات التالية:
1. ضربات جوية مكثفة: قد تبدأ الولايات المتحدة وإسرائيل بضرب منشآت إيران النووية والبنية التحتية العسكرية.
2. رد إيراني قوي: إيران قد ترد بهجمات على القواعد الأمريكية في الخليج، أو شن هجمات بواسطة الميليشيات الموالية لها مثل حزب الله والحوثيين.
3. إغلاق مضيق الهرمز: من المرجح أن تحاول إيران تعطيل الملاحة في المضيق، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط عالميًا.
4. حرب إقليمية واسعة: في حال توسع النزاع، قد تنضم دول أخرى مثل السعودية وإسرائيل إلى المواجهة، مما سيجعل الصراع إقليميًا وليس مجرد مواجهة ثنائية بين واشنطن وطهران.
مع تصاعد التوترات بين إيران والولايات المتحدة، يزداد خطر اندلاع حرب في الشرق الأوسط، وبينما تستمر المساعي الدبلوماسية لتجنب الصراع تشير المؤشرات العسكرية والسياسية إلى أن المنطقة قد تكون على أبواب مواجهة غير مسبوقة.
يبقى السؤال الأهم: هل يمكن احتواء الأزمة قبل أن تتحول إلى حرب شاملة؟ أم أن المواجهة أصبحت حتمية؟